البرادعي والتغيير ..الرؤية والمشروع
--------------------------------------
لا شك أنه يجب علي أصحاب كل فكرة ومشروع أن يوضحوا للناس رؤيتهم وأن يعرضوا أفكارهم للنقاش ليتعاطي معها الجميع حيث أن وضوح الرؤية هو شرط لنجاح أي مشروع

ان مشروعنا هو احداث التحول الديموقراطي والانتقال بمصر مما وصلت اليه من تردي في جميع المجالات الي مصاف الدول المتقدمة وهذا ما تستحقه مصر وهذا ما يليق بالشعب المصري العظيم صاحب الحضارة والتاريخ ، فالديموقراطية تعني الاستقرار والعدالة الاجتماعية والكرامة والحياة الكريمة ان مشروعنا ليس دعوة للفوضي ولكنه دعوة لانقاذ مصر من السقوط في بحر الفوضي ان استمرت الاوضاع القائمة علي ما هي عليه ووصول الاحتقان المجتمعي لمعدلات رهيبة تنذر بالخطر ، اننا نريد الاستقرار والأمان لهذا الوطن بكل مؤسساته الوطنية التي هي ركيزة أساسية لانطلاقه وتقدمه نحو مسيرة النهضة ، اننا لا نعادي احدا ولا نخون أحدا ولكننا نري أن وقت التغيير قد حان وأن التغيير قد صار مطلبا عاما يطالب به كل الوطنيين والحريصين علي مصلحة مصر من داخل النظام ومن خارجه

يسألنا الناس كثيرا عن مشروعنا و رؤيتنا وفلسفتنا وأعتقد أن البرادعي وأنصار مشروع التغيير حوله حددوا رؤيتهم في

رؤيتنا
ان تصبح مصر دولة ديموقراطية قائمة على مبادىء االحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.

مهمتنا
اعادة الوعي والاحساس بالمسئولية تجاة الوطن عند كل انسان مصري لبناء مشروع وطنى جامع يقدم بديلا امنا يعيد مصر الى منزلة الصدارة بين دول العالم المتقدمة .
وينطلق البرادعي والمتطوعون معه من عدة قيم تمثل اطارا محددا للحركة :
الإيمان بقيمة الإنسان
ومبدأ اللاعنف تبني خيارالتغيير السلمي
الشراكة مع كافة القوي السياسية
الوطن حق و مسئولية الجميع
الإلتزام بالعمل الجماعي و روح الفريق الواحد و احترام الأخر
اختيار العمل المنهجي القائم علي الفكر والعلم التجريبي
الكفاءة و الجودة لضمان فاعلية الإنجاز
الايمان والقناعة بفكرة وجود البدائل القادرة علي احداث التغيير واحداث النهضة
وتفرض علينا هذه الرؤية عدة أهداف عامة تنبثق منها أهداف مرحلية قريبة المدي ومتوسطة المدي وهذه الاهداف العامة تتلخص في الاتي :
ü التغلب على السلبية وكسر حاجز الخوف
ü توعية الشعب والقضاء على التغييب
ü القضاء علي العراقيل الدستورية
ü تكوين كتلة حرجة نوعية لاحداث التحول الديموقراطي
يبدوا الكلام المجرد مقبولا وقد لا نختلف عليه ولكن يتبادر الي الأذهان السؤال الأهم وهو كيف ومن ومتي ؟



كيف ؟
ان الاجابة علي سؤال كيف تبدأ بادراك طبيعة الشعب المصري الذي نخاطبه ، هذا الشعب الذي يعاني من تجريف كامل للحياة السياسية منذ أكثر من خمسين عام ، تم فيها اخراج المواطن المصري من فضاء العمل العام وحصره في حلقة ضيقة بحثا عن لقمة العيش مع تنفيذ سياسات فاشلة أدت لافقار الناس واتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء وانهيار منظومة العدالة الاجتماعية بالتوازي مع تشديد القبضة الأمنية وممارسة القهر والقمع لكل الاصوات المطالبة بالتغيير حتي وصلت مصر الي مراحل متدنية بين دول العالم في كافة المجالات

منهجيتنا تؤكد لنا أن دعاة التغيير يجب ان يتفهموا احتياجات الناس وأولويات حياتهم وطبقا لهرم ماسلو للاحتياجات الذي يرى أن الناس عندما يحققون احتياجاتهم الأساسية يسعون إلى تحقيق احتياجات ذات مستويات أعلى وان افتقاد الاحتياجات الاساسية كالفسيولوجية والشعور بالأمن والسلامة يجعلهم لا يهتمون بالاحتياجات الاعلي التي يندرج تحتها مشروع التغيير السياسي كمثال ، وبالطبع لن يستطيع دعاة التغيير توفير الاحتياجات الاساسية للناس من طعام وشراب وسكن ودخل معقول حتي ينقلونهم الي مرحلة الاشتباك مع الواقع السياسي والتفاعل معه ، ولكن ما نستطيع فعله ونركز فيه الأن هو ربط هذه الاحتياجات الاساسية في ذهن المواطن البسيط بمدخل التحول الديموقراطي الذي يصنع صورة ذهنية مفادها ان التحول الديموقراطي يعني حياة كريمة تتوفر فيها الاحتياجات الأدمية للبشر وحياة آمنة بلا خوف و قهر و طواريء و تعذيب والتأكيد علي أن الاصلاح والنهضة منظومة متكاملة تبدأ بالاصلاح السياسي وتمر بعد ذلك عبر جميع المجالات

لا نزعم أننا نبدأ من الصفر بل نكمل من حيث انتهي الاخرون الذين بدأوا قبلنا وصنعوا تراكمات جيدة علي مستوي الحراك الاجتماعي والسياسي ونحاول أن نضيف لهذا الحراك الموجود من قبل ظهور البرادعي والذي زاد بدخوله كطرف فاعل في المشهد السياسي المصري

كسر حاجز الخوف عند الناس علي رأس أولوياتنا ولكن وسائلنا لذلك لا تقتصر علي الوقفات والمظاهرات وانما تبدأ من اصلاح التصور في العقول طبقا للاستراتيجية السيكودينامية
Psychodynamic Strategy والتي تركز على استخدام العوامل النفسية المؤثرة على المتلقي، والتي تدفعه لتبني سلوك جديد يرفع درجة المشاركة المجتمعية والاحساس بالمسئولية عن الوطن
ونعتمد علي التوعية التي تتبعها تحركات محسوبة تحقق نجاحات صغيرة وجزئية تسهم في اعادة الثقة الي الشعب في قدرته علي الحلم وامكانية احداث التحول الديموقراطي



متي ؟
ان أي حراك تغييري يجب أن يضع الزمن كجزء هام وأساسي في أولوياته فلا بد من اطار زمني لتحقيق عملية التغيير ولا يمكن اغفال عنصر الزمن ومن فهمنا لمراحل الحراك التغييري طبقا لعلم التغيير اللاعنيف نحن نتحرك بين 4 مراحل :

1. مرحلة ثورة العقول: وهي المرحلة الأولى في الحراك التغييري، تبدأ هذه المرحلة بثورة عقلية تتجسد في حراك فكري جديد وأطروحات ورؤى جديدة تعيد تعريف الممكن والمستحيل، والصواب والخطأ، وتعيد ترتيب الأولويات وطريقة النظر إلى العالم وإلى الذات، وتجيب على الأسئلة الملحة المطروحة على الساحة، فتحدد طبيعة المعركة التي يخوضها المجتمع، وتحدد عقدة الصراع ودرجة التغيير المطلوب والمسار الملائم لإحداث هذا التغيير، وهي الأجوبة التي تتجاوز الأطروحات والأفكار القديمة التي عجزت عن إحداث الحراك الاجتماعي المطلوب..
2. مرحلة بناء قدرة المجتمع: وهي المرحلة الثانية في الحراك التغييري، وتهدف الي صناعة حالة عامة من الحراك التنفيذي في المجتمع، يتجاوز الأطر القديمة، ويخترق جميع المساحات الاجتماعية والسياسية، خاصة مناطق الفراغ التي عجزت حركات الماضي عن ولوجها وهذه المرحلة تسودها استراتيجية التبعثر الفعال ، المعتمدة على الاقتراب غير المباشر ، ، عن طريق إطلاق الكثير من المشاريع المتنوعة المستقلة، التي تضعف الاستبداد ، وتستوعب طاقات المجتمع وإبداعاته لتحقيق الأهداف التي تؤهل المجتمع للوصول الي حالة المواجهة والاقتراب المباشر بعد تكوين الكتلة الحرجة النوعية التي لا نقيسها بالكم بل بالكيف أولا وبقراءة المشهد وتحليل مفرداته قبل الانتقال بالمجتمع الي المرحلة التالية وقد تحدث ظروف ما أو تتهيأ فرص لم تكن في الحسبان تعجل بالانتهاء من هذه المرحلة والانتقال منها
3. مرحلة المواجهة والاقتراب المباشر : وهي المرحلة الثالثة من مراحل الحراك التغييري، وينتقل إليها المجتمع عقب بناء قدرته عبر تأسيس البنية التحتية للحراك ونشأة التيار، وفي هذه المرحلة تتحدد أداة الحسم والاستراتيجيات الرئيسة للوصول للتغيير وتعتمد مدتها وتصاعدهاعلي درجة الاستجابة للمطالب وتفاعل الجماهير التي يحدداستعدادها وجاهزيتها خطوات التحرك وتوقيته وكذلك شكله وألياته
4. مرحلة الفعل الحضاري: وهي المرحلة الرابعة والأخيرة في الحراك التغييري الشامل، وتأتي بعد عودة الأداة التنفيذية إلى المجتمع بمؤسساته وهيئاته وأحزابه وأفراده، ليبدأ المجتمع في تطبيق البرنامج الذي يؤهله للانطلاق إلى المستقبل، وللمساهمة في البناء الحضاري عبر التنافس الحر بين البرامج المختلفة التي تتبناها الأحزاب والحركات والتنظيمات المختلفة.

نعتقد أننا الأن نتحرك في المرحلة الأولي والثانية علي التوازي ومن البديهي أن تستغرق مرحلة بناء قدرة المجتمع الوقت الأكبر بين المراحل ونعتقد أنها ليست أقل من عام قابل للزيادة حسب درجة التفاعل وسير العمل ولذلك نحتاج لتعبئة وحشد كل الموارد النوعية التي تعجل باتمام هذه المرحلة وهذا ما يتطلب تضافر جميع الجهود بين دعاة التغيير والعاملين له بعيدا عن الشخصنة و التنافس الحزبي والايدلوجي الذي يصبح من العبث الانجرار اليه والجميع يتم سحقه ومنعه بقوة الاستبداد



من ؟
ان أية أفكار بلا أشخاص يحملون عبء نشرها وتنفيذها تصبح سطورا علي وريقات بين أرفف الكتب ولذلك فمن تقديرنا لقيمة الانسان نعتقد أن الناس هم الحل وليسوا هم المشكلة ، والانسان المصري يستطيع تحقيق النجاح اذا توفرات له البيئة وتحققت له الثقة في الطريق الذي يسلكه لتحقيق هذه الاهداف ، لذلك فان الكنز الحقيقي الذي نملكه هو ألاف المتطوعين من الشباب المصري الذين أبدوا استعدادهم وتحركوا بالفعل للعمل معنا ونشر أفكار مشروع التغيير بين الجماهير

ان من أهم مميزات مشروع التحول الديموقراطي الذي يتبناه البرادعي هو هذه الموارد البشرية الغير مسبوقة التي التفت حول البرادعي ورأت فيه رمزا وطنيا قادرا علي تجسيد حلم التغيير وتحقيقه عبر العمل الموضوعي والممنهج

اننا لا نريد بناء تنظيم ولا حركة مركزية متعددة المستويات ولكننا نسعي لصناعة تيار اجتماعي يقود احداث عملية التحول ، وينتقدنا البعض في ذلك وينتظرون منا ان نكرر تجارب ماضية للحركات او نعيد انتاج نفس التجارب لبعض التيارات وبعض السياسيين كدخول الانتخابات بظروفها الحالية والنزول العشوائي للشارع بلا هدف واضح وبلا قيمة حقيقية احيانا ولكننا كما يقول اينشتاين : (إن المشكلة العويصة التي نحن بصددها لا يمكن حلها بنفس طريقة التفكير التي أوجدتها بل ان الجنون هو ان تفعل الشئ مرة بعد مرة وتتوقع نتيجة مختلفة)
لذلك يجب علي من يقيم تجربتنا وينقدنا قبل فهمنا أن يدرك أنه قبل التقييم ينبغي ان يغير معايير التقييم التقليدية التي خرجت من التجارب السابقة ، ليست مشكلتنا اننا مختلفون ونحاول ان نصنع تجربة مختلفة ، فليتركنا هؤلاء نخوض تجربتنا بالفلسفة والمحددات التي نعتقد أنها الأفضل وليعمل كل انسان بالطريقة التي يراها مناسبة وليحترم الاختلاف وليدرك كل منا ما قاله العظيم باولو كوليو : (لكي تؤمن بأن طريقك هو الطريق الصحيح لا حاجة بك أن تثبت أن الطريق الذي اختاره غيرك ليس صحيحاً)



__________________
تحياتي اسرة المعاصر