[center]بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،
وبعد ،،،فقد أعلن القائمون على مسجد العزيز بالله - جعله الله ذخرا للإسلام والمسلمين ،
وأعان القائمين عليه في الدعوة إلى الله عز وجل - عن مسابقة لتفريغ أشرطة المؤتمر
الإسلامي المنعقد في هذا المسجد المبارك ، وقد وجد هذا الإعلان صدى البشر والغبطة
عند كاتب هذه السطور ، فقمت بهذا العمل ، ألا وهو تفريغ الأشرطة ، وبذلت وسعي في
تحسينها والعناية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وضبطها ، ولصعوبة مقام
الخطابة فقد كانت هناك بعض الهنات اليسيرة من ناحية اللغة ، فقمت بتصحيح ما أمكن
من ذلك ، سائلا المولى عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة ، والله
الموفق والهادي إلى سواء السبيل كتبه
وائل
بن سميح العوضي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا
مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وصفيه من خلقه وخليله ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبع هداه بإحسان إلى يوم
الدين ، {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ولا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } ، {
يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا
اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا } ، {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَنْ يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا } ، وبعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه
وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في
النار ، ثم أما بعد .
اليوم هو الثلاثاء الموافق الثامن عشر من شهر أغسطس لسنة ثمان وتسعين
وتسعمائة وألف من الميلاد ، الذي وافق الخامس والعشرين من ربيع الآخِر لسنة ألف
وأربعمائة وثماني عشر من الهجرة ، واليوم محاضرة فيما يسمونه بالأسبوع الثقافي أو
المؤتمر الثقافي ، والحقيقة أني أحاول دائما في مثل هذه المناسبات أن نستغل اجتماع
الناس ، ونجعل من هذا اللقاء فرصة لعرض بعض القضايا التي تُهِمُّ عموم المسلمين
على الخصوص ، وذلك أنني بحول الله عز وجل وقوته ومَنِّهِ وفضله أحاول على مدار أيام
العام أن أجعل من المحاضرات والدروس التي قد يكون فيها فائدة لبعض خواص المسلمين ،
فضلا عن عمومهم ، إلا أن مثل هذه اللقاءات ينبغي أن يكون المقصود الأول من حيث
إرادة نفعهم ، ومن حيث إرادة تبسيط العلوم الشرعية والمسائل الشرعية لهم ، خاصة
القضايا العقدية التي لا يصح الدين إلا بها ، فضلا عما يكمل الدين ، أو التي لا
يكمل الدين إلا بها ، فضلا عما يصح الدين إلا بها ، ينبغي أن يكون المقصود في مثل
هذه اللقاءات هم عموم المسلمين ؛ لأن الله عز وجل ما أرسل الرسل وأنزل الكتب إلا
رحمة للعالمين كما قال تعالى : {
ومَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } ، فنسأل الله عز وجل أن
يجعلنا من أسباب هذه الرحمة ، وأن يمن الله علينا أن نكون من أسباب الخير ، ومن
دعاة الهدى ، ونعوذ بالله جل وعلا أن نكون من دعاة الضلال ، ونسأله سبحانه وتعالى
في بداية هذا اللقاء أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم
، وألا يجعل لأحد فيه شيئا ، وأن يجعل سعينا وإياكم في مرضاته جل وعلا ، فأقول
وبالله التوفيق :
قد جعل الله سبحانه وتعالى بدء الإيمان شهادة أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ، ويمكن فاتني أن أقول أن محاضرتنا اليوم بعنوان (
أفعال
تخالف العقيدة)، وعلى سبيل المقدمة أقول : قد جعل الله بدء الإيمان شهادة أن لا إله إلا
الله ، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقام النبي صلى الله عليه وسلم
بمكة بعد النبوة عشر سنين أو بضع عشرة سنة يدعو إلى هذه الشهادة خاصة ، وليس
الإيمان المفترض على العباد يومئذ سوى هذه الكلمة ، فمن أجاب إليها كان مؤمنا لا
يلزمه اسم في الدين غيره ، وليس يجب عليهم زكاة ولا صيام ولا غير ذلك من شرائع
الدين ، وإنما كان هذا التخفيف - يعني جعل الإيمان مجرد كلمة - قبل أن تنزل
الشرائع ، ونزلت الشرائع تنجيما مفرقة كان ذلك تخفيفا من الله سبحانه وتعالى كما
ذلك العلماء أنه رحمة من الله لعباده ورفق بهم ، لأنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية
وجفائها ، ولو حملهم الفرائض كلها معا، نفرت منه قلوبهم ، وثقلت على أبدانهم ،
فجعل هذا الإقرار والقيام على مقتضى الشهادتين بالألسن وحدها ، فضلا عما يقر في
القلوب ، هو الإيمان المفترض على الناس يومئذ ، فكانوا على ذلك إقامتهم بمكة كلها
، وبضعة عشر شهرا بالمدينة وبعد الهجرة ، فلما ثاب الناس إلى الإسلام ، وحسنت فيه
رغبتهم ، زادهم الله في إيمانهم أن صرف الصلاة إلى الكعبة بعد أن كانت إلى بيت
المقدس ، فقال تعالى : {
قَدْ نَرَى
تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } ، خاطبهم وهم بالمدينة باسم الإيمان الذي ثبت لهم
مقدما في كل ما أمرهم به أو نهاهم عنه ، فقال في الأمر : {
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } ، وقال في النهي : {
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً } ، وقال تعالى :
{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ
تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنتُمْ حُرُمٌ} ، فناداهم باسم الإيمان في
الأمر ، وناداهم باسم الإيمان في النهي ، وعلى هذا جرت كل مخاطبة كانت لهم فيها
أمر أو نهي بعد الهجرة ، وإنما سماهم الله جل وعلا بهذا الاسم ، أي بمجرد الإقرار
وحده ، أي بمجرد الشهادتين ، إذ لم يكن هناك فرض غيره ، فلما نزلت الشرائع بعد هذا
، ووجبت عليهم وجوب الأول سواء لا فرق بينهما ، أو لا فرق بين الشرائع عموما ؛
لأنها جميعا من عند الله وبأمره وإيجابه ، فلو أنهم عند تحويل القبلة إلى الكعبة
أبوا أن يصلوا إليها ، وتمسكوا بذلك الإيمان الذي لزمهم اسمُه من قبل والقبلة التي
كانوا عليها ، لم يكن ذلك مغنيا عنهم شيئا ، وكان فيه نقض لإقرارهم ؛ لأن الطاعة
الأولى في الإقرار والشهادتين ليست بأحق باسم الإيمان من الطاعة الثانية ، والثالثة
، وغيرها ، فلما أجابوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كإجابتهم إلى الإقرار صار
جميعا معا يومئذ إيمان : الصلاة ، والصيام ، الصلاة ، والزكاة ، صارا جميعا :
الصلاة والزكاة ، صارا جميعا من الإيمان بعدما شرعت وبعدما فرضهما الله تعالى ،
صارا جميعا معا يومئذ من الإيمان ، إذ أضيفت الصلاة إلى الإقرار ، وقد جاء الكتاب
يدل على أن الصلاة من الإيمان ، مثل قول الله تعالى : {
ومَا
كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيـمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ } ، وإنما نزلت
هذه الآية في الذين تُوُفُّوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم على
الصلاة إلى بيت المقدس ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ،
أخرجه البخاري من حديث البراء ، فأي شاهد يلتمس على أن الصلاة من الإيمان بعد هذه
الآية ؟
ثم إنهم لبثوا بعد ذلك بُرْهة من دهرهم ، فلما أن داروا إلى الصلاة
مسارعة، وانشرحت لها صدورهم ، أنزل الله فرض الزكاة في إيمانهم إلى ما قبلها، يبقى
كان الإيمان الشهادة ، وسموا مؤمنين بمجرد الشهادة ؛ لأنه لم يكن في محتوى الشريعة
إلا الشهادتان ، وأنزل الله الصلاة ، وصاروا مؤمنين حينما خوطبوا بالصلاة ؛ لأنهم
صاروا مؤمنين بكل ما أنزل الله من الشرع ، ثم صارت الصلاة مضمومة إلى الشهادة ، ثم
لما أجابوا إلى الصلاة وداروا معها أنزل الله فرض الزكاة ، وضمها إلى ما قبلها ،
قال تعالى : {
أَقِيمُوا الصَّلاَةَ وآتُوا
الزَّكَاةَ } ، وقال تعالى : {
خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا} ، ثم كذلك كانت
شرائع الإسلام كلها ، نزلت وتتابعت كلما نزلت شريعة صارت مضافةً إلى ما قبلَها ،
لاحقةً به ، ويشملها ، يشمل جميعَ الشرائع اسمُ الإيمان ، فيقال لأهله : مؤمنون ،
ومن ثم من هذه المقدمة تفهم أن الله عز وجل سَمَّى ، أوقعَ لفظةَ الإيمان على لسان
رسوله صلى الله عليه وسلم على العَقْد بالقلب لأشياءَ محدودة مخصوصة معروفة ،
وأوقعها أيضا ، تعالى وتباركَ شأنُه ، على الإقرار باللسان لتلك الأشياء خاصةً ،
وأوقعها أيضا على أعمال الجوارح لكل ما هو طاعة له تعالى فقط .
فالإيمان اعتقاد وقول وعمل ، وهذه مسألة متقررة عند السامعين ، وأحسب أنكم
تعرفونها ، لا أبالغ إذا قلت أفضل مني ، فهذه مسلَّمات ، إنما أقولها ، وأقدم بها
للتذكير ، ولأبني عليها ، وليس لتقريرها .
فالإيمان اعتقاد وقول وعمل ، وكذلك ما يضاد الإيمان ويخالفه يكون
بالاعتقاد ، كالجحود ، والاستكبار ، والشك ، والنفاق ، وما شابه ، ويكون أيضا
بالكلام ؛ لأن الله تعالى جل في علاه قال : {
يَحْلِفُونَ
بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ
إِسْلاَمِهِمْ } ، فنص تعالى على أن من الكلام ما هو كفر.
وقال تعالى : {
أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ } ، فنص تعالى
على أن من الكلام في آيات الله ما هو كفر بعينه ، يعني بمجرد الكلام ، لا يحتاج معه
إلا اعتقاد أو جحود أو ما شابه .
وقال تعالى : {
قُلْ أَبِاللهِ
وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم
بَعْدَ إِيـمَانِكُمْ } ، فنص تعالى على أن الاستهزاء بالله تعالى ، أو
بآياته ، وبرسوله ، أو برسول من رسله كُفْرٌ مخرج من الملة ، ولم يقل تعالى في ذلك
: إني علمت أن في قلوبكم كفرا ، بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء ، ومن ادعى غير هذا
، فقد قَوَّلَ الله تعالى ما لم يقل ، وكذب على الله تعالى ، وكذلك الكفر يكون
بالعمل ، كما أنه يكون بالاعتقاد ، وكما أنه يكون بالقول وبالكلام ، يكون أيضا
بالعمل ، من الأعمال والأفعال ما هو كفر ، قال عز وجل : {
إِنَّمَا
النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ
عَامًا ويُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ } ، فصح أن
النسيء كفر ، وهو عمل من الأعمال ، وفعل من الأفعال ، وهو تحليل ما حرم الله تعالى
.
وليس المقام تفصيل هذه القضايا ، وأنتم تعلمون أنه بفضل الله تعالى ومن
نفله سبحانه وتعالى ، الله يتقبل منا ومنكم، أن فصلت مثل هذه الأصول ، ومثل هذه
المقدمات العقدية في مبحث الإرجاء ، فليراجعها من شاء ، لكن هذا كما قلت على سبيل
التذكرة ، وعلى سبيل التهيئة لإثبات مسلمات يبنى عليها.
وبالجملة فالإيمان قول واعتقاد وعمل ، والكفر أيضا قول واعتقاد وعمل ،
ولكن اعلم أن المخالفة ليست دائما تكون كفرا ، فالإيمان يخالف الكفر ، والكفر
يخالف الإيمان ، لكن هل الكفر فقط هو الذي يخالف الإيمان ؟ ويخالف العقيدة ؟، اعلم
أنه مما يخالف العقيدة أيضا ما قد يكون فسقا ، ومنه ما يخالف العقيدة بحيث لا هو
كفر ولا فسوق ، بل عصيان أو دون ذلك .
فمن الأمور التي تخالف العقيدة وتكون كفرا سواء كان بالكلمة أو بالاعتقاد
أو بالقول ، من الأمور التي تخالف العقيدة منه ما هو كفر ، فإذا قلنا ما يخالف
العقيدة ، إذا قلنا مثلا (اعتقادات تخالف العقيدة) ، (كلمات تخالف العقيدة) ،
(أفعال تخالف العقيدة) ، قد يكون من الأفعال ما هو كفر ، وقد يكون من الأفعال ما
هو فسق ، وقد يكون من الأفعال ما هو دون الأولى، وما ينبغي تركه، وكل هذا يخالف
العقيدة ؛ لأنه من المتقرر عند أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص، ومن المتقرر عند
أهل السنة أيضا - أحبتي في الله - أن الإيمان أصل وكمال ، فما يضاد الأصل كُفْرٌ
أكبر ، وما يضاد الكمال كفر ينقسم إلى قسمين : هناك ما يضاد الكمال الواجب ، وهذا
هو الفسوق ، من الكبائر والشرك الأصغر ، وهناك ما يضاد الكمال المستحب ؛ من
المعاصي ، والصغائر ، وترك الأولى ، وما شابه .
إذن عندنا اعتقادات وكلمات وأفعال تخالف العقيدة تكون كفرا، وعندنا ما
يخالف العقيدة ويكون فسوقا ، ونقصا في الإيمان ، وعندنا ما يخالف العقيدة ويكون
دون الأولى .
قال ابن حزم في الفِصَل (3/118) :
(( إن قال قائل : أليس الكفر ضد الإيمان ؟ قلنا
وبالله تعالى التوفيق : إطلاق هذا القول خطأ ؛ لأن الإيمان اسم مشترك يقع على معان
شتى كما ذكرنا ؛ فمن تلك المعاني شيء يكون الكفر ضدا له - يعني مما يضاد الإيمان
ما قد يكون كفرا - ومنها ما يكون الفسق ضدا له ، لا الكفر ، ومنها ما يكون الترك
ضدا له، لا الكفر ولا الفسق )) .
واضح ، يبقى إذن ما يضاد الإيمان ، ما يخالف الإيمان قد يكون كفرا ، قد
يكون فسقا ، قد يكون ترك ما لا ينبغي تركه ، تنبه ، تنبه لذلك ، افهم فهذه أصول .
ومن ثم فهناك اعتقادات تخالف العقيدة ، وهناك كلمات تخالف العقيدة ، وهناك
أفعال تخالف العقيدة ، سواء كانت المخالفة على سبيل الكفر أو ما يقرب منه ، أو
الفسوق أو العصيان ، أو ما دون ذلك ، إذن المهم أن تعرف أن المخالفة، تنبه معي ،
المخالفة ليست على رتبة واحدة .
وقد يسر الله تعالى في لقاء سابق بيان بعض الكلمات التي تخالف العقيدة ،
يذكر منكم أن محاضرة العام الماضي في مثل هذا اللقاء كانت بعنوان (
كلمات
تخالف العقيدة) ، وكان فيها من التوفيق من الله جل وعلا ، حتى إنه تحت إلحاح الإخوة
وعموم المسلمين ممن سمعها تحولت هذه المحاضرة إلى رسالة بتوفيق الله جل وعلا ،
فنسأل الله عز وجل أن يلحق بها هذه المحاضرة .
وقد يسر الله تعالى في لقاء سابق ببيان بعض الكلمات التي تخالف العقيدة ،
واليوم بإذن الله تعالى وحسن توفيقه أبين بعض الأفعال التي تخالف العقيدة والإيمان
على اختلاف مراتبها ، وقد قسمت الكلام فيها إلى أقسام :
الأول : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها كفرا أكبر .
والثاني : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها تؤول إلى الكفر الأكبر ، أي
يمكن أن تصبح ، تعرفون أن الكفر ينقسم إلى نوعين كفر حال وكفر مآل ، الكفر الأكبر
ينقسم إلى قسمين : كفر حال وكفر مآل ، كفرالحال هو ما يلزمُ فاعلَه حكمُ الكفر متى
تلبَّس بما يستوجب ذلك من الاعتقاد أو القول أو العمل ، كاعتقاد الجحود والشك
والتكذيب ، إنكار النبوة ، فهذا كفر حال في الاعتقادات ، وكالسب والاستهزاء
والسخرية بآيات الله عز وجل وبرسوله ، أو بغير هذا ، أو كتابه ، أو بسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم ، أو شتم الأنبياء ، أو تنقيصهم ، أو إزراؤهم ، فهذا من كفر الحال
بالقول .
ومن كفر الحال بالعمل : كالسجود لصنم ، وهدم الكعبة ، أو تضميخها
بالنجاسات ، أو ترك الصلاة عمدا ، أي بغير نوم أو بغير عذر ، هذا أيضا يسمى كفر
حال بالعمل .
كفر المآل : هو ما يكون من القول أو الفعل بحيث يؤول ، يعني هذا معناه
يذهب إلى الكفر ، ويسمونه لازم المذهب ، كمن يقول قولةً يُفاد منها أو يُفهم منها
أن الله ظالم ، أو أن الله مخلوق ، كمن يقول : القرآن مخلوق ، فهذا يؤول إلى الكفر
؛ لأنه فيه نسبة الخالق بأنه مخلوق ، وإن كان القائل لهذا لا يقول : الله مخلوق ،
ولكن هذه مقولة تؤول إلى الكفر ، وهكذا ، فالكفر منه كفر حال وكفر مآل .
فالقسم الأول : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها كفرا أكبر.
والقسم الثاني : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها تؤول إلى الكفر الأكبر.
والثالث : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها كفرا أصغر .
والرابع : أفعال تخالف العقيدة من جهة كونها فسوقا أو دون ذلك .
وقبل أن أبدأ ذكر ما يبين هذه الأقسام بذكر بعض الأمثلة ، طبعا المقام
سيكون على سبيل ضرب المثال الأَولى فالأَولى ، ما يحتاج إلى تنبيه إليه ، وكما
قلنا إن الغرض من المحاضرة أسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن المقصِد ، وأن يجعل
جمعنا هذا جمعا مرحوما، وأن يجعل اجتماعنا هذا سببا لمغفرة ربنا جل وعلا .
الغرض من هذه المحاضرة هو التنبيه ، يعني أن تكون هذه نِذارة للأمة ، وأن
يكون هذا من باب الدال على الخير ، وأن يكون هذا من باب التعاون على البر ، ومن
باب نشر الهدى ، جعلني الله وإياكم ممن يهديهم الله عز وجل يهدي بهم ، ويجعلهم
سببا لمن اهتدى ، اللهم آمين .
فقبل أن أبين هذا على سبيل المثال لا الحصر ، أقول مذكرا نفسي وإخواني الأحبة
: إنه رُبَّ صغيرةٍ أهلكت صاحبَها ، والصغيرةُ مع الإصرار تصير كبيرة ، فقد تسمع
في الكلام أن هذه مما دون الشرك ، فتقول : هذه دون الشرك ، فتستهين بها ، فلا بد
أن تعلم أن الوقوع في المعصية مهلكة ، وأشد منه هَلَكَةً الاستهانةُ ، فقد يدخل
العبد الجنة من باب المعصية ، كيف ذلك ؟ إذا تاب ، رب معصية جرت على صاحبها جنةً ،
ورب طاعة جرت على صاحبها نارًا ، كيف ذلك ؟
قد يكون العبد ممن يخشى ربه ، وممن إذا ذُكِّرَ تذكر ، وعندما يقع في
المعصية تتولد في قلبه حرارةُ التوبة ، ويخشى ربه جل وعلا ، فيعتصر قلبَه ألمٌ
وندمٌ، ويدمع قلبُه قبل عينه ، فيكون ذلك سببا لتوبته وإنابته ، وتذكر في هذا
المقام ما كان من مَاعِزٍ وما كان من الغامِدِيَّةِ ، حيث زنيا ، ولكنهم لما توقدت
في قلوبهم حرارةُ الندم ، وخشيةُ الله جل وعلا ، ونورُ التقوى والرهبة من الله جل
وعلا ، تولد من ذلك توبةٌ ، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حق الغامدية أنها
تابت توبةً لو وُزِّعَت على سبعين من أهل المدينة - وما أدراك ما أهل المدينة - لو
وزعت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، نسأل الله أن يرزقنا توبة يرضى بها عنا .
فرب معصية أورثت صاحبها جنة ، ورب طاعة أورثت صاحبها نارا ؛ لأنه قد يطيع
فينظر لنفسه أنه قد فعل ما لم يفعله غيره ، وقدر على ما لم يقدر عليه غيره ، فدخل
عليه الكِبْر والعُجْب ، ففسد قلبه ، والعياذ بالله ، حتى انكفأ ، وأنتم تعرفون
حديث الرجل الذي قال : والله لا يغفر الله لك أبدا ، فقال الله : من ذا الذي يتألى
علي ، ثم جمعه ، وقال : ما أدراك أني لا أغفر لعبدي ؟ فغفر لصاحب المعصية ، وأهلك
صاحب الطاعة ، لماذا ؟ لأنه استعظم مقام طاعته ، واستحقر مقام معصية أخيه ،
فاستشعر أن مثل هذا القائم على المعصية لا يمكن أن يغفر له ، فدخل في أمر ليس له ،
ويتألى يعني يقسم ، من ذا الذي يقسم على الله ، والله لا يغفر الله لك أبدا ، نعوذ
بالله من ذلك .
فلا ينبغي إذا سمعت أن هذا من جنس دون الشرك ، أو من الفسق ، أو دون الفسق
، أو ما شابه ، مما قد يذكر عليك من أقسام الأفعال التي أُذَكِّرُ بها على سبيل أن
تكون سببا للهدى لي ولك ، وأن يخرجنا الله عز وجل بما ينعم علينا ويتفضل علينا
بعلم ، يخرجنا بذلك العلم من الظلمات إلى النور ، لا ينبغي أن تقابل هذا بشيء من
الاستهانة أو الاستهتار أو التقليل ، رب صغيرة أهلكت ، والصغيرة مع الإصرار تصير
كبيرة .
ويحسب العبد أن أمرا ما هينٌ ، وهو عند الله عظيم ، كما قال تعالى : {
وَتَحْسَبُونَهُ
هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ } ، والنبي صلى الله عليه
وسلم يحذر فيقول : (( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ )) .
وصدق من قال : إن عظيم النار من مستصغر الشرر ، فالحذار ، الحذار من
الاستهانة والاستهتار ، الحذار الحذار من الاستهانة والاستهتار ، وتضييع الجهد
والأعمار فيما لا يجر على العبد إلا دخولَ النار ، نعوذ بالله من الخذلان ، ونسأله
التوفيق في الدارين، فهو القادر على ذلك وحده جل وعلا .
ثم اعلم أن ما الغرض من هذه المحاضرة وذكر ما فيها إلا التنبيه والوعظ
والإرشاد إلى ما يلزم العبدَ الحذارُ منه ، والبعدُ عنه ، والفرارُ من كل ما يجر
إلى مثل هذه المخالفات ، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد .
فأقول وبالله التوفيق :
القسم الأول : أفعال تخالف العقيدة
من جهة كونها كفرا أكبر ومن ذلك على سبيل المثال ، طبعا نحن نضرب طبعا أمثلة ، الوقت طبعا يطول ؛
لأنك تعلم أن الأفعال التي تخالف العقيدة لا تعد ولا تحصى ؛ لأن كل مخالفة - على
ما بينت - سواء كانت تخالف العقيدة من جهة الكفر ، أو من جهة نقص الإيمان أو
الفسوق ، أو من جهة ترك الأولى ، فكله يخالف العقيدة ، وكل مخالفة ينقص بها الإيمانُ
، وكل موافقة يزدادُ بها ، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم ما يعلينا عنده يوم القيامة
، ويسلمنا من الخزي في الدارين ، فهو ولي ذلك و القادر عليه.
فما سنذكره إن شاء الله تعالى يكون على سبيل - كما قلت - المثال لا الحصر
، فقد يفوتني البعض ، وأنت تعرف أنه دأب العبد الغفلة والجهل والتقصير، وما يكون
من خير وحق وعلم وهدى فهو من الله وحده دون ما سواه ، وما يكون من جهل وغفلة
وتقصير وظلم وتعد وخطأ فهو مني ومن الشيطان ، سائله سبحانه وتعالى التوفيق ، أسأله
سبحانه وتعالى أن يتقبل مني ومنكم.
فمن أول هذه الأفعال التي تندرج
تحت هذا القسم : ترك الحكم بما أنزل الله، ترك الحكم بما أنزل الله .إن الله عز وجل خلق الخلق وتكفل لهم برزقهم ، وبما يعود عليهم بالنفع في
دينهم ودنياهم ، وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن كَمَّلَ هذا
الدين عبادةً ومعاملةً .
وقال تعالى : {
الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الإِسْلاَمَ دِينًا } ، ولأن الله عز وجل خالق الخلق ، فهو بلا ريب
الأعلم بمصالح الناس ، وبما يفيدهم ، وبما يؤمن لهم الحياةَ الطيبة والأمنَ الدائم
، فشرَّع لهم أحكاما تناسبهم هي الكفيلةُ وحدَها بالاستقرار والأمن لهم ؛ لأنها
جاءت من عند خالقهم العليم الخبير بأمورهم ، البصير بما كان وما يكون ، فشرَّع
الحدودَ والقصاصَ حياةً لنا ، كما قال تعالى : {
وَلَكُمْ
فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ، وأمرنا الله
عز وجل بالرجوع إلى كتابه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ قال تعالى : {
وَأَنِ
احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ } ، وقال تعالى :
{
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ، وفي قراءة (
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) ، وقال تعالى : {
وَمَن
لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ، وقال تعالى :
{
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } ، وقال تعالى : {
وَمَن
لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ، فهذه آيات
بينات تُبيِّن أن الحكم بما أنزل الله لازمٌ لكل الخلق لا يسع أحدًا الخروجُ عنه ،
بل إنه سبحانه وتعالى اشترط في الإيمان أن يرجع العبد لربه وأن يُحَكِّمَ أمره فيه
سبحانه ، فقال : {
فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ، وقال تعالى :
{
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ } ، انظر ، هذه
شرطية يا إخوان ، هذه شرطية ، {
إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } ، فهذا شرط الإيمان ،
جعلنا الله وإياكم منهم ، ولهذا بناء على هذه النصوص - والمقام لا يتسع للتفصيل ،
إنما المقام مقام تنبيه وإرشاد - ولهذا فمن نبذ حكم الله تعالى ، أو حكم رسوله صلى
الله عليه وسلم إلى حكم غيره : من بشر ، أو عادات ، أو أعراف ، أو أسلاف ، أو
تقاليدَ ، أو عشائر تخالفُ الشريعةَ الإسلامية ، أو إلى قوانينَ وضعية ، شرقية
كانت أو غربية ، معتقدا بها ، فقد عبدَ غيرَ الله ، قال تعالى : {
إِنِ
الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ
الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ، ذلك الدين
القيم ، تنبه ، لا دين غير ذلك ، والقيم بمعنى المستقيم ، بمعنى القويم الذي غيره
يكون أعوج .
والحكم إذا كان بغير كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، تنبه،
الحكم إذا كان بغير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يُعَدُّ حكما للطاغوت
، كما قال الله تعالى : {
أَلَمْ تَرَ
إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزْلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى
الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن
يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا } .
فالواجب على المسلمين جميعا حُكَّامًا ومحكومين أن يعودوا إلى ربهم ،
ويحكموا شريعته في جميع شئون حياتهم ، ولا يعارضوها ويقابلوها بعاداتهم وتقاليدهم
، ولا بما ألفوه عن آبائهم وأجدادهم ، وإنما شأنهم التسليم المطلق ، والانقياد
التام لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : {
إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بِيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، هذا المسلك
وهذا المنهج إذا أردنا طاعةَ الله ، والحياةَ الطيبة ، والأمن والاستقرار في هذه
الدار ، والحياةَ الخالدة في الدار الباقية ، نسأله جل وعلا أن يردنا إليه ردا
جميلا .
وكذلك في هذا المضمار ، لا بد من الحكم بما أنزل الله ، والتحاكم إليه في
جميع موادِّ النزاع ، في مسائل شرعية ، أو عقدية ، أو عملية ، أو معاملات ، أو في
الدماء ، أو الأموال ، أو الأعراض ، في جميع مواد النزاع ، في الأقوال الاجتهادية
بين العلماء ؛ فلا يقبل منها إلا ما دل عليه الكتابُ والسنةُ ، تنبه ، لا ينبغي أن
تقبل قولَ عالم إلا ما دل عليه الكتاب والسنة ؛ لأننا مطالبون باتباع الكتاب والسنة
من غير تعصب لمذهب ، ولا تحيز لإمام .
وكذلك يجب على أتباع المذاهب أن يردوا أقوالَ أئمتهم إلى الكتاب والسنة،
فما وافقها أخذوا به ، وما خالفها ردوه دون تعصب ، تنبه ، ينبغي على أتباع المذاهب
أن يحملوا أقوال أئمتهم ؛ لأنه لا سبيل للخير أبدا ، ولا سبيل للدين القويم إلا
بجعل الكتاب والسنة هو الحَكَم أبدا ، تنبه .
وكذلك
يجب على أتباع المذاهب أن يردوا أقوال أئمتهم إلى [/center]
الخميس يناير 12, 2012 12:38 pm من طرف wafaey